أصول الدين، اصطلاح كلامي يُقابل (فروع الدين)، يُطلق على مجموعة الاعتقادات الأساسية للدين الاسلامي والتي يجب على كل مسلم الاعتقاد بها، وإلا فلا يعدّ مسلماً؛ مما يعني أنّ إنكار كل أصل من هذه الأصول، موجب للكفر واستحقاق العذاب.
وهي عند الشيعة عبارة عن: التوحيد، النبوة، والمعاد، وهي أصول لا بدّ من الاعتقاد بها لنيل السعادة الكاملة والسير في الطريق الصحيح. نعم، هناك من أضاف أصلي العدل والإمامة إلى عداد أصول الدين، لا بمعنى أن مجرد الجهل بهما يخرج المنكر من ربقة الإسلام، بل بمعنى أنهما يشكلان جزءا مهما في العقيدة الإسلامية الصحيحة، ولذا فإن الجهل بهما أي العدل والإمامة لا يخرج صاحبهما من الإسلام، بل من دائرة التشيّع أي الإسلام الأصيل. من هنا عُرف العدل والإمامة بأنهما من أصول المذهب أيضاً.
ثم إن المشهور بين الفقهاء أنّ التقليد لا يجوز في أصول الدين، بخلاف فروع الدين، وعليه فيجب على كل مكلف أن يفكّر ويتأمل في أصول الدين وأن يؤمن بها عن معرفة يقينية لا ظنّية.
لمصطلح " أصول الدين " معنيان:
ينطلق سبب هذه التسمية من أنّ المسائل العقائدية يبتني عليها كل العلوم الدينية، كالحديث، والفقه والتفسير؛ وبعبارة أخرى، إنّ العلوم الدينية متوقفة على صدق النبي، وصدق النبي متوقف على معرفة هذه الأصول.[3]
إضافة إلى هذا السبب يمكن الإشارة إلى هذه الحيثية وهي: أنّ أصول الدين نُظّمت للتمييز بين المذهب الشيعي والدين الإسلامي من جهة، وباقي الأديان والمذاهب الأخرى من جهة أخرى. فعند قبول التوحيد و النبوة والمعاد، يتّضح الحد الفاصل بين الإسلام والأديان الأخرى؛ وبأصل الإمامة، تخرج المذاهب الاسلامية الأخرى وبأصل العدل، يتّضح الفرق بين العدلية ومنهم الامامية وبين الأشاعرة.
في مقابل هذا المعنى المشهور، قد يطلق اصطلاح أصول الدين ويراد منه معنى أوسع مما ذكرنا. فقد تستعمل أصول الدين أحيانا ويراد منه علم الكلام. [4] [5]
مفهوم أصول الدين من المصطلحات التي ابتكرها المتكلمون وعلماء العقائد وليس في القرآن أو في الأحاديث ما يشير إلى تقسيم المعارف الدينية إلى أصول وفروع .
نعم يوجد في الأحاديث ما يشير إلى أنّ الإسلام قائم على عدة دعائم ؛ فقد جاء في الحديث عن عيسى بن السري قال: قلت لأبي عبد الله أخبرني بدعائم الإسلام التي لا يسع أحد التقصير عن معرفة شيء منها الذي من قصر عن معرفة شيء منها فسد دينه ولم يقبل [الله] منه عمله ومن عرفها وعمل بها صلح دينه وقبل منه عمله ولم يضق به مما هو فيه لجهل شيء من الأمور جهله؟.
فقال: شهادة أن لا إله إلا الله والإيمان بأن محمداً رسول الله والإقرار بما جاء به من عند الله وحقّ في الأموال الزكاة والولاية التي أمر الله عزّ وجل بها: ولاية آل محمد . [6]
وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر أنّه قال: بني الإسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية. قال الراوي: وأي شيء من ذلك أفضل؟ فقال : الولاية أفضل، لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن.[7]
وهذه الأحاديث المروية عن أئمة العصمة والطهارة تشير إلى أنّ بعض المعارف تتعلق بالدين الإسلامي بحيث يؤدي إنكارها إلى إنكار الدين، بيد أن البعض الآخر ليس كذلك.
اتفقت كلمة الباحثين على وجوب الإيمان بأصول الدين، بيد أنه وقع الاختلاف في أن الإيمان بأصول الدين هل يجب أن يبتني على العلم اليقيني والجزمي أم يكفي في ذلك المعرفة الظنية؟ وعلى الفرض الأول، هل أن العلم اليقيني والجزمي لابد من الحصول عليه عن طريق الاستدلال والبرهنة أم يكفي التقليد أيضا؟ هناك أقوال مختلفة في الجواب عن هذه التساؤلات. و لكن اتفقت أكثر الآراء على أنّ الإيمان بأصول الدين لابد أن يبتني على المعرفة اليقينية ولايكفي فيها الإيمان الظني.
هذه النظرية تستند إلى آيات و روايات تذم اتباع الظن كآية «وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثرَهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنىِ مِنَ الحْقِّ شَيْئا»(يونس:36) و قوله تعالى: «وَإِن تُطِعْ أَكْثرَ مَن فيِ الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ».(الانعام:116) وقوله عزّ شأنه: «وَمَا لهَم بِذَالِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّون».(الجاثية:24) [8]
في مقابل هذا الرأي، هناك عدّة محققين و باحثين يَرَوْن كفاية الظّن القوي في الإيمان بأصول الدين، ويقولون بأنّ الظّن المتاخم لليقين يؤدي إلى سكون النفس واطمئنانها ، وليس العلم المعتبر شرعا إلا ما يؤدي إلى هذا المقدار من الاطمئنان وسكون النفس.[9]
وعليه، ما يلزم في الإيمان بأصول الدين، هو الاطمئنان، الذي يسمّى باليقين العرفي، وفي اليقين العرفي لا ينتفي احتمال المخالفة بالكامل، لكنه ، لضعفه لا يعتنى به، على خلاف اليقين المنطقي بالمعنى الأخص الذي ينتفي معه احتمال المخالفة بالكامل.
ذهبت جملة من الفقهاء إلى القول بعدم جواز التقليد في أصول الدين. ولا بدّ أن تكون المعرفة في أصول الدين عن طريق التحقيق. وقد ادعي إجماع الفقهاء على هذا الرأي.[10]
ومن الوجوه التي أقامها الفقهاء على عدم جواز التقليد في أصول الدين هو أن المقلّد إما أن يكون عالما بأنّ مقلده على حق أو غير عالم بذلك ، وفي هذه الصورة يحتمل الخطأ وعليه يقبح تقليده، لأنه أيضا لا يأمن الجهل والخطأ ؛ لكنه لو علم أنه على الحق ، لا يخرج عن حالتين ، إما أنّ هذا اليقين قد حصل له بالبداهه ، أو ثبت له بالدليل، والشقّ الأول باطل، وعلى الشق الثاني، إما أن يكون هذا الدليل غير تقليدي، أو قد حصل عن تقليد . وفي الحالة الأخيره يلزم تسلسل المقلدين الى ما لا نهاية اذ لا ينتهي عدد الأشخاص الذين يجب تقليدهم. وعليه ينحصر الطريق المعقول والوحيد فيما اذا علم المكلف بالدليل أنه على حق ، وليس هذا بتقليد في الواقع ، وعليه لايجوز التقليد في الاصول.[11]
المشهور أن أصول الدين تشتمل على ثلاثة أصول، هي: التوحيد، النبوة، المعاد، يقول العلامة الترحيني: (شاع عند الإمامية أنّ الاعتقاد بالتوحيد والنبوة والمعاد هو أصل الدين، والإمامة أصل من أصول المذهب لا الدين، والذي يقتضيه النظر أن أصول الدين أمران: التوحيد والنبوة الخاصة فقط، ويدل عليه – بالإضافة إلى سيرة النبي الأعظم من قبول إسلام الشهادتين، الأخبار الكثيرة.). [12]؛ بيد أنه لابد من إضافة أصلين كأصول للمذهب تضاف إلى هذه الثلاثة وهما العدل والإمامة. وعليه لو أنكر شخص أصلا من أصول الدين، يعدّ كافراً ؛ لكنّه لو أقر بالثلاثة الأولى، وأنكر العدل أو الإمامة أو كلاهما ، لا يعدّ كافراً ، بل لا يدرج في عداد الشيعة الإمامية.[13]
الأصول الخمسة المذكورة ، في رأي جمهور المتكلمين من الإمامية ، كالآتي:
1. التوحيد: هو معرفة الله والتصديق بأنّه تعالى أزلي وأبدي ، وواجب الوجود لذاته ؛ وكذلك التصديق بصفات الله الثبوتية، كالقدرة والعلم والحياة ؛ وتنزيهه عن الصفات السلبية كالجهل والضعف؛ والاعتقاد بأنّ صفات الله عين ذاته ولاتوجد صفة زائدة على الذات.
2. العدل: وهو معرفة أنّ الله عادلٌ وحكيمٌ ، أي لايقترف القبيح ولا يترك ما ينبغي فعله. وأنّ الله لا يرضى بالأعمال القبيحة التي تصدر من البشر وأن الإنسان يقوم بالعمل عن قدرة واختيار أودعهما الله فيه وأعطاه إياهما وعليه يكون هو المسؤول عن أعماله الحسنة أو القبيحة.
3. النبوة: هي التصديق بنبوة النبي محمد (ص) وكل ما نزل به الوحي عليه. أما هل يجب التصديق التفصيلي بكل ما جاء به الوحي، أم يكفي العلم الإجمالي فيه؟ فهناك اختلاف في الرأي. والجدير بالذكر أنّ بعض علماء الإمامية، ذهب إلى القول بلزوم التصديق بعصمة النبي محمد (ص)، وأنه خاتم أنبياء الله سبحانه.
4. الإمامة: وهو الإيمان والتصديق بإمامة الأئمة الإثني عشر. وقد أجمع على هذا الأصل كل متكلّمي الإمامية ، حيث عُدّ هذا الأصل من ضروريات المذهب، كما تعتقد أنّ الأئمة كلهم معصومون ، وهم المسؤولون عن حفظ الشريعة ، وعن هداية الناس إلى طريق الحقّ والحقيقة كما يجب على الجميع إطاعتهم. والإمام الثاني عشر الإمام المهدي الحجة المنتظر حيّ لكنه غائب وسيأتي اليوم الذي يظهر فيه بإذن الله تعالى.
5. المعاد: وعلى أساس هذا الأصل نحن نعتقد بأنّ النّاس جميعا سيُحيَون مرة أخرى بعد الموت حتى يلاقي كل منهم جزاء أعماله وثوابها. ويعتقد عامة المسلمين بالمعاد الجسماني ؛ أي أنّ الإنسان يحشر ببدن مادي يوم القيامة.[14]
تم مناقشة أصول الدين في أغلب الكتب الكلامية، ورغم هذا هناك كتب تحت مسمى "أصول الدين" بعض منها هي:
|