التشيع، أحد الفريقين الرئيسيين في الإسلام، يرى أتباعه أنّ النبي الأكرم قد نص على خلافة علي بن أبي طالب وإمامته من بعده مباشرة، وتعدّ الإمامة من الأصول العقدية عند الشيعة وهي التي تميزهم عن أهل السنة، وبناء عليها فالإمام يعيِّن من قبل الله، ويعرّفه الرسول للناس.
ويقول جميع فرق الشيعة ما عدا الزيدية بعصمة الإمام، ومن العقائد المختصة بالشيعة الحسن والقبح العقليان، وتنزيه صفات الله، والأمر بين الأمرين، وعدم عدالة الصحابة، والتقية، والتوسل، والشفاعة. وهناك خلاف بين بعض فرق الشيعة في تفاصيل هذه العقائد.
وتعتمد الشيعة -كـأهل السنة- في استنباط الأحكام الشرعية على المصادر الأربعة، وهي القرآن والسنة والعقل والإجماع، غير أن الشيعة يعتبر سنة الأئمة المعصومين -إضافة إلى السنة النبوية- حجّة.
ولمذهب التشيع ثلات فرق حاليا، هي الاثنى عشرية (الإمامية) والإسماعيلية والزيدية، والمنتمون لفرقة الإمامية هم الأكثر عددا، فهم يعتقدون بإمامة الأئمة الإثني عشر، وآخرهم هو المهدي الموعود. ويعتقد الإسماعيلية بأئمة الإمامية حتى الإمام السادس وهو الصادق (ع)، لكن يعتقدون بإمامة إسماعيل بن جعفر من بعده، ثم ولده محمد وأن الأخير هو المهدي الموعود. ولا تحدّد الزيدية عدد الأئمة، ويرون أن من قام من أولاد الزهراء (ع) وهو يتمتع بالعلم والزهد والشجاعة والسخاء فهو إمام.
ومن الدول الشيعية الأدارسة وعلويو طبرستان والبويهيون ودولة الزيدية في يمن والفاطميون والصفوية والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وقد كان للتشيع الدور البارز - على مر التاريخ- في جميع الصعد الثقافية والسياسية والفكرية وخاصة في العقود الأخيرة، حيث لعب الشيعة دوراً بارزاً في السياسة والاجتماع والمتغيّرات التي تطال العالم بأسرة.
التشيع لغة يطلق، ويراد منه معنيان:
وقد أطلقت مفردة التشيع اصطلاحاً في الكتب والمصادر الإسلامية على ثلاث معان هي:[5]
تؤكد المصادر التاريخية أن مفردة التشيع والشيعة بمعنى أتباع علي بن أبي طالب عليه السلام والمحبين لهم إنما وردت لأول مرة على لسان النبي الأكرم (ص) حيث روى محدثو أهل السنة عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه قال [10]: «كنا عند النبي صلى الله عليه وآله فأقبل عليّ عليه السلام، فقال النبي (ص): «والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة»، ثم نزل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾.[11]
وقد ورد في روايات كثيرة أنّ المراد من قوله تعالى: ﴿أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ هم علي عليه السلام وشيعته.
وفي رواية أخرى ذكرها ابن حجر: «يا علي، أنت وأصحابك في الجنة أنت وشيعتك في الجنة».[12]
ومن هنا صار الاستعمال النبوي لهذه المفردة- وعلى مر التاريخ – وصفا لمن يوالي علياً ويسير على نهجه ويحبه ويجالسه وأنهم شيعة علي عليه السلام.
وعليه يكون المؤسس للتشيع وأول منْ وضع بذرته في حقل الإسلام هو نفس صاحب الشريعة الإسلامية، قال الشيخ حسين كاشف الغطاء بعد استعراضه للأحاديث النبوية التي تمدح عليا عليه السلام وشيعته: «والقصارى إنِّي لا أحسب أنَ المنصف يستطيع أنْ ينكر ظهور تلك الأحاديث وأمثالها في إرادة جماعة خاصة من المسلمين، ولهم نسبة خاصة بعلي عليه السلام، يمتازون بها عن سائر المسلمين الَّذين لم يكن فيهم ذلك اليوم من لا يحب علياً عليه السلام، فضلاً عن وجود من يبغضه».[13]
والجدير بالذكر أن المسلمين في ذلك الوقت لم يكونوا قد انقسموا إلى فريقين شيعة وسنة، وإنما حصل ذلك بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله والاجتماع في سقيفة بني ساعدة واختيار أبي بكر كخليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله على المسلمين، الأمر الذي واجه اعتراض علي بن أبي طالب عليه السلام وجميع بني هاشم وسلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وابن التيهان وعثمان بن حنيف وغير هؤلاء من الصحابة والمشايعين لعلي عليه السلام، ومن هنا بدأت تنمو بذرة التشيع لعلي عليه السلام؛ لأنهم يؤمنون بوجوب إطاعة أوامر الرسول صلى الله عليه وآله في هذا المجال، ولا يحقّ لأحد أن يعمل رأيه أو يجتهد في مقابل النص النبوي، ومن ذلك الوقت بدأ التمايز بين الشيعة والسنة يطفو على السطح.[14]
لا يوجد في عصرنا الراهن من الفرق المنسوبة إلى الشيعة إلّا ثلاث فرق شيعية هي: الشيعة الاثنا عشرية، والزيدية، والإسماعيلية.
وقد ظهر في العقود الأخيرة فرقة تدعي الانتساب إلى التشيع وهي فرقة البهائية والتي تطرح نفسها كدين جديد، إلا أنه انتساب ظالم، وأن الشيعة منها براء بل حكم أعلام الشيعة شأنهم شأن سائر علماء المسلمين بكفر هؤلاء وأن الدين الإسلامي هو الدين الخاتم وأن البهائية خارجة عن الجسد الإسلامي ومتمردة عليه.
ولكثرة الشيعة الإمامية كلما أطلقت مفردة الشيعة منفردة انصرفت إلى الشيعة الاثني عشرية والتي تسمى أحيانا بالإمامية أو الشيعة الجعفرية، وتوسم من قبل خصومها بالرافضية.
تعد عقيدة الإمامة المحور الأساسي والمائز الرئيسي بين الشيعة وبين غيرهم من فرق المسلمين، حيث ذهبت الشيعة إلى الإعتقاد – انطلاقاً من القرآن وأحاديث النبي الأكرم (ص) - بأن الرسول صلى الله عليه وآله قد نصبه، وبما لا ريب فيه علي بن أبي طالب عليه السلام إماماً للمسلمين، وأنه صلى الله عليه وآله بلغ الأمر بإمامته إلى جميع المسلمين ومن بعده عليه السلام تكون الإمامة للمعصومين عليه السلام من أبنائه- الأحد عشر- من ولد فاطمة عليها السلام، وعلى جميع المسلمين الامتثال لأمرهم والتسليم بإمامتهم، وهم:
تعتقد الشيعة واستناداً إلى آية الإبتلاء أن مقام الإمامة والذي ناله كل من إبراهيم، ولوط، وإسحاق، ويعقوب، والنبي الأكرم أرفع من مقام النبوة؛ وذلك لأنّ إبراهيم إنما حبي به في أخريات حياته، وقد كان قد حبّي من قبل بمقامي النبوة والخلة، وإنّه إنما نال مقام الإمامة بعد تجاوزه للاختبارات والابتلاءات الصعبة التي ابتلاه الله بها كالأمر بذبح ابنه إسماعيل.
وقد ورد في الأحاديث الشريفة التأكيد على مقام الإمامة وأهميته، فقد روي عن النبي الأكرم أنّه قال: «مَنْ ماتَ و لَمْ يعْرِفْ إمامَ زَمانِهِ، ماتَ ميتَةً جاهِليةً».[17] ونظائره من الأحاديث التي تحمل نفس المضمون.[18] عليه تكون الإمامة من الأركان الأساسية للدين الإسلامي الحنيف والتي من دونها يعيش الإنسان الجاهلية.
ويستفاد من هذا الحديث أيضاً أن الجهل بالإمام مع حضوره يؤدي إلى ميتة الجاهلية، ولا يمكن تفسير الحديث بغير هذا المعنى لوضوح دلالته.[19]
ومن الأمور التي تعتقدها الشيعة أن للإمام جميع ما للرسول إلاّ وحي النبوة، وأنّ الإمام يقوم بشؤون الرسالة في ثلاثة محاور أساسية[20]: